"!جيييكه! جيييكه! جيييكه"
في يوم صدامات قصر الإتحادية، نبضَ زفيرُ المدينة وشهيقها أكثر من مرةٍ، خلال الليلة الدامية، على هدير ذاك الهتاف الهادئ الهامس بالكاد: "جيييكه! جيييكه! جيييكه!" كان ذاك هدير همس جماعي من مجموعةٍ من شباب المتظاهرين، ممن هم بين سن السادسة عشرة والثامنة عشرة؛ ذات سن صديقهم الذي قتلته الداخلية من أسبوعين في شارعه المفضل، شارع محمد محمود، وحرمت وسط البلد من رؤياه ومروره على مقاهيها بين كل مظاهرة والأخرى.
وغيّمت سماء القاهرة في آخر الشهر غيوماً ثقيلة، واكتمل القمر ثم اختفى، وطال اختفاؤه أكثر من المعتاد؛ فلم يهلّ إلا بعد خمسة أيامٍ من الغياب. أما اليوم، فأحس القاهرة كأنها تداوي ظلالها بضوء شمسٍ براقٍ هادئ مستقر، وتمسح رياحها بهواءٍ نظيفٍ بارد قليلا، على أتربة كسر شوارعها وريح الدم الرقيق، من النفضة التي مرت للتو؛ فيَنقى سحاب المدينة وسماؤها، وكأنها تمسح على جراحها من المعركة الفائتة، لتتقوى استعداداً لجروح المعركة القادمة.
[تصوير عمرو الإتربي]