Quantcast
Channel: Jadaliyya Ezine
Viewing all articles
Browse latest Browse all 5217

إصطفافات المعارضة وسياسة التسمية: تنظيم المقاومة في تركيا

$
0
0


خرج أكثر من عشرة آلاف شخص في شوارع العمرانية، منطقة سكنية للطبقة المتوسطة على الجانب الآسيوي من إسطنبول، في العاشرة من مساء الثاني من حزيران/يونيو، لا ليؤازروا المتظاهرين في متنزه غازي في ميدان تقسيم فقط، ولكن ليبدوا مؤازرتهم أيضا لكل المتظاهرين في المدن السبع والستين في كل أنحاء تركيا من أنقرة وأزمير، إلى أدنا وهتاي. متجمعين على الطريق الرئيس في محلة الأول من مايو/أيار، وهو حي كان يعتقد دوماً أنه معقل قوي لسياسات حزب العدالة والتنمية AKP، وموطن لأسلوب الحياة المحافظة وسط التنوع المناطقي في اسطنبول، تقدم عشرة آلاف من أهالي العمرانية في مسيرة على الشريان الرئيس لشبكة الطرق السريعة في إسطنبول، والتي تربط الجزء الآسيوي بالجزء الأوروبي من المدينة عن طريق جسر البوسفور، والذي يعرف بتيم TEM بالتركية، هاتفين بالشعارات المميزة مثل " متكاتفون ضد الفاشية" و"قاوم يا (متنزه) غازي قاوم!" ومن المظاهرات التي أشعلها ميدان تقسيم، تشكل سد بشري من أهالي العمرانية أغلق الطريق السريع الحيوي أمام حركة المرور. وبرغم كل إشارات التحذير بتحويل الطريق التي وضعت قبل أميال من نقطة الإغلاق، إتجهت سيارة سوداء فاخرة مسرعة، يقول بعض شهود العيان إنها كانت أودي A6 ويقول بعضهم الآخر إنها كانت بي إم دبليو، نحو الجموع واقتحمتهم وأصابت إثنين من المتظاهرين ينتمون إلى حركة التضامن الاشتراكي،(SODAP Sosyalist Dayanışma Platformu)، إصابات بليغة.

ولا يزال سيزكين كارتال، Sezgin Kartal، ذو السبعة عشر ربيعاً، الطالب في الثانوية العامة وعضو حركة التضامن الاشتراكي، يرقد بحالة خطيرة في مستشفى، Göztepe Eğitim ve Araştırma، إلى وقت كتابة هذه السطور، فيما توفي محمد أيالتس، Mehmet Ayyalitas، ذو التسعة عشر ربيعاً وهو عامل في مصنع وعضو في حركة الهاكرز الاشتراكيين، الهاكرز الحمر  Redhack، في نفس المستشفى رغم كل المحاولات لإنقاذ حياته. 

 وفي الوقت الذي انشغلت فيه وسائل الإعلام العالمية، إضافة لبعض المعلقين، بالتركيز على الجو الاحتفالي في ميدان تقسيم بشكل خاص، وأبرزت هوية "الطبقة العليا" و"العلمانية" للمتواجدين بالميدان والمحتفلين بالنصر على قوات الشرطة في اليومين الماضيين، فإن قصة محمد الأليمة والمعلومات الشخصية القليلة المتوفرة عنه تشير إلى صورة أكثر تعقيداً على الأرض، وتوضح ليس فقط لماذا الناس غاضبون، بل بشكل أكثر تحديداً من هم الغاضبون. إن عدم التعامل مع قصة محمد على أنها جزء لا يتجزأ من "المقاومة" التي أشتعلت في تركيا، لا يمهد الطريق فحسب لأسوأ أنواع العنف المعرفي المنفلت في مقولات التحليل السياسي المتفذلك، ولكنه أيضا يفتح المجال أمام التصرفات اللا أخلاقية وغير المسؤولة في عرض الحقائق. وفي الحالتين، فإن إهمال قصة محمد، وقصص مشابهة، يعرضنا لخطر إعادة إنتاج تشخيص أردوغان المتحدي والرافض للمتظاهرين الذي يصورهم على أنهم "مستغلون" مستهترون غاضبون بسبب بضعة أشجار، وسكيرون محبطون بسبب القانون الجديد المعدل حول استهلاك الكحول، وهم جميعا دمى تنساق وراء مخططات المعارضة "النخبوية" و"العلمانية" للديمقراطيين الاشتراكيين في تركيا. 

وكأحد سكان إسطنبول، وكباحث أنثروبولوجي في تركيا وعلاقاتها الاقليمية، فأنا مطلع – لحسن الحظ أو لسوئه- على أسلوب المتفضل والمنعم الذي يتبعه أردوغان في الهجوم المعاكس، والذي يقوم فيه بتشكيل روايات ملتوية عن الانتهاكات التي تحدث في ظل حكومته. إن محاولته لدفع الرأي العام بعيداً عن مذبحة أولودير/روبوسكي، Uludere/Roboski، للقرويين الأكراد على الحدود مع العراق عن طريق إقتراح قانون جديد مضاد للاجهاض، أو التعديل "في التوقيت المحسوب" لقانون الكحول بعد التفجيرات التي هزت الريحانية على الحدود مع سوريا تكفي لتوضيح ما أقصده لمن لا يمتلك فكرة كافية عنه. لنعد إلى الوراء قليلا، إن وصف إسرائيل بأنها "دولة إرهابية" تقتل الأطفال الفلسطينيين، وأوامره لطائرات إف 16 لتقتل الأكراد في منطقة كردستان قد يدق جرس تنبيه آخر ويجيب على سؤال ملح عن " لماذا يغضب الأتراك كثيراً بسبب متنزه؟" لقد كتب العديد بالفعل حتى الآن حول قضية أن ما يحدث هو ليس بسبب متنزه، أو أشجار أو كحول.

مع ذلك، فإن الأمر الأكثر إزعاجاً لي هو التحليل قصير النظر الذي يوافق على سياسة إطلاق النعوت على الأحداث والمشاركين في أعمال الاحتجاج من ناحية، والاهمال المطلق لقصص مثل قصة محمد، حيث أن هذه القصص لا تتطابق مع التوصيف الرخيص المعتاد والمواقع الثابتة للنخبة العلمانية المتخندقة في مواجهة الطبقة الاسلامية العاملة الواثقة من نفسها في تركيا. إن التحالف الغريب الذي تنتجه "المقاومة" في تركيا يجب ألا يتم تفسيره بشكل تجريدي وفئوي، ولكن بالأحرى مقاربته كأرضية إجتماعية مهمة يمكن من خلالها إعادة التفكير في تلك الفئات، سواء في أساليب عرضنا للحقائق أو في مشاريعنا التحليلية المستقبلية. إن عرض قصة محمد، بعد إضافة التفاصيل الكاشفة لها مثل من أين جاء، ومشاركته في Redhack أثناء عمله كعامل في مصنع، على سبيل المثال، قد تساعد في إعادة التفكير ليس فقط في ثنائية النخبة العلمانية/ الطبقة العاملة الإسلامية فحسب، ولكن أيضاً في فرضية المواقف الطبقية لمستخدمي أدوات التواصل الاجتماعي، والناشطين على الانترنت بشكل خاص، وفي العلاقة الأكثر تجريدية بين الطبقة الاجتماعية والتكنولوجيا في عصر الرأسمالية المتأخرة.

 

 

[صورة امرأتين تحتجان في ميدان تقسيم، صورة من صفحة Ötekilerin Postas على الفيس بوك.]

فلنأخذ هاتين المرأتين المرتديتين للحجاب واللتين شوهدتا في ميدان تقسيم، حيث تقول اللافتة التي تحملها المرأة على اليسار "أردوغان، أنت لا تطاق حين أكون يقظة"، فيما تقول الأخرى "متكاتفون ضد الفاشية". بالنسبة لأولئك الذين يحبون التعميم، والذين قد يقرأون هذه السطور ويرفضون إدخال هاتين المرأتين في حساباتهم بحجة أنهما عينتان عشوائيتان، أو مضللتان، أو ببساطة أن عددهما قليل لدرجة تبرر إهمالهما فيما يخص العلاقة بين المتعة "العلمانية" للكحول، وممارسات الاسلام وسياسات الحرية الاجتماعية في تركيا. أقول لهؤلاء إننا ربما نحتاج أن نقرأ شيئاً عن "المسلمين الثوريين"، وهم من الجماعات الناشطة على أرض متنزه جيزي. سأقتبس هنا بشكل كامل رسالتهم إلى أردوغان ومناصريه فيما يتعلق بنقل الصورة غير الحقيقية، أو يمكن أن أضيف إليهم، أولئك الذين يعانون من قصر النظر التحليلي:

[صورة من صفحة هدية  Hadiye على الفيس بوك]

بعض الأخبار لرئيس الوزراء ومناصريه الذين يحاولون أن يقصروا معارضتنا على مجموعة (علمانية) محددة، وبهذا فهم يحاولون أن ينشروا بذور الاستقطاب بيننا:

1. إن الملحدين هم من شكلوا درع الحماية حول من كانوا يصلون في ميدان تقسيم.

2. لقد كان مشجعو نادي غلاطة ساراي، Galatasaray، هم من قاوموا محاولات الشرطة لاعتقال مشجعي فينرباهشي، Fenerbahce.

3.  أعضاء كل من حركة النصر الاشتراكية، Victory arks، وحركة الذئب الرمادي الوطنية، Grey Wolf، كانوا يقومون بنفس حركات الاحتجاج في المتنزه بالأمس.

4. اليساريون كانوا جنباً إلى جنب مع النساء المحجبات في المتنزه بالأمس. 

هذا ما يسمونه مقاومة. هذا ما يسمونه تضامناً. الشعب على قلب رجل واحد ضد الفاشية.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 5217

Trending Articles